الأربعاء، 23 يناير 2013

مرجوحة جريئة

يلتسألين أعلة حالي لا تخافين الحزن عندي جبير
الدمع خير
الروج يعلة وأبد ما أغركَـ لأن شابع دمع
وحلمي يطفو من يمر السيل سكتة
الساعة خرسة
والشوارع تستحي من الخوف تطفة
ويشتعل بية الحنين
وحتى يكَضي العمر أبقى أحركَـ سنين
السجة ما تخلص ولا عندي محطة
ومثلي تايه حيل يشبهني الدرب
وعايش بأصعب تناقض
صادق بكل جرح عندي وأضحك هواية جذب
أحب وأتعب وأشتعل واطفة واحب
يذبل بصدري ورد اسود يدور ماي والملكَة شحيح
وبالدموع أغسل شبابيجي واتاني الصبح بلكي الليل يخلص وأستريح
العلاقة العندي ويّ الليل مبنية بجرح
محزّم بجفني صواني سهر خطواته ملح
نّمارس الضحكة بشراهة موت بين الناس نغركَـ
ويّ جاري الماي يومية نبدل وجوه خاف الجوع يعتكَـ
يلتسألين أعلة حالي
شوفي ذاكرتي القديمة
صفت مليانة تجاعيد وبقاية احلامنا
السراب هواي تعبنا نسولفله عطشنا والنهر كَدامنا
وأحنة محتاجين مرجوحة جريئة
تهز عواطفنا وتلولي أجسامنا
أحنة محتاجين بير
نّضم سوالفنا وبقايا اسرارنا الما بيها رجفة مستحانه
جناح أشد روحي إعلة حلمج بلكي ياخذني ويطير
يلتسألين إعلة حالي
شرد أسولفلج فشلتي
من يسألوني أبرود أعصاب ولفك وينه
لو جرح كَلبي النزف من عينة سرب طيور مشتاكَة لخيالج وشيصبر عينه
الريح تاخذني بعيد شراع وترجعني ثوب أبيض وأزف كَلبج بدية
بلكي وي غيري تطشيني أعلة باقي أسنينه
محمل بغصني وركَـ يبجي انتظار
وريحة أحلامج بعدها تفوح بية
مدثر بذاكرتي جم صورة وطعم آخر نهار
أجدامي عطشانة سفر والخطوة ظلمة
والمسافة البينا بكَد ما افكر بيها وألهث خضر براسي قطار

وروحي ضاعت سجة بسنون القطار
آآآه... بسنون القطار

الجمعة، 2 نوفمبر 2012

بيت الكواغد



هاك أخذ بيت الكواغد... كَلبي وأنت المشتعل بالفركَة نار
وهاك جوّي المستحة بخد الحياطين العفتهة موجّرة بليل إنتظار
مشتهيك تلولح الروح بمشيتك
خطوة بس تمشيها فوكَـ الدرب من تعكس على الرجعة مسار

روحي روحك
سلمتها لأمرك بأول مسية
من جمنعا الليل أنا وياك واللهفة على الحيطان تتشلبه خطية
يريد كل الما عرف معنى المحبة
يصاحب عيونك يشوف الشوكَـ ساعتها إنعكس وجهه علية
عيونك الي علمتني شلون اميز طعم المباوس على شفاف
المنية
عيونك الي بقت منها بعيني صفنة اعلة الدرب تنتظر جيتك من بعيد
عيونك الي شوفتني الدنيا نقطة
وخلص كلشي.... ولازم براس السطر نكتب جديد
نكتب ونحركَـ كواغدنا ونوصّي الكَلب من يلكَة الحزن وجهه سعيد
نكتب وننتظر ونواسي نفسنا ونشتهي دنيانة صفنة تريد كلشي وماتريد
أحنة صفنة نريد كلشي وما نريد

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

شعراء الدم الأسود


 مؤيد الطيب
عندما نتحدث عن الشعر الشعبي فنحن نتحدث عن الجمال في اللغة العامية، روعة اللحن والموسيقى بين طيات أبياته وهو يتغنى بأجمل الصور وأكثرها صدقاً وقرباً إلى القلب قبل العقل، شعراً ينطلق ويرجع دائماً إلى حياتنا اليومية بكل ما ترتسم بهِ من ممارسات، وبكل ما يحمله من أسماء في سمائهِ المشرقة حباً.
لكن ومنذ الحرب الأخيرة على العراق وماتلاها من أحداث أخذت بإزهاق أرواح الكثيرين من أبناء بلدنا، فضلاً عن أيام حزن طويل خيم الإرهاب علينا فيها، تلتها حرب داخلية بين المواطن ونفسه والمواطن وأخيه، حروبا أثرت سلباً  وللأسف على الكثير من محطات العشق فينا، لتنعكس في مخيال شعراء كُثر، ولم ينج من هذه اللوثة سوى البعض ممن يحترمون ما تسطره أقلامهم على صفحات الورق الأبيض، وأقصد بـ"البعض" القلة ممن احتضنوا الشعر والأدب والموسيقى والفن والرسم والسينما وكل مفاصل الإبداع ليرسموا حلم الوطن القادم، حلم عصفور تلحف بريش ملون.
أتحدث عن الأدب بمجمله، لكني أحاول تسليط الضوء الآن على مجال الشعر الشعبي، وكشاعر ومراقب لهذا المجال العتيد والمعروف بصبغته الطرية والمترفة، والمرتبطة باحساس العامة والخاصة من الناس، صغيرهم وكبيرهم، نرى دائماً انعكاس هذا العشق عليهم، ولّه يكاد لا يزاحمه وله آخر، منطلقاً من لغة عربية بلهجة تقترب من شغاف القلب وتلامس الروح.
لكن ما يؤسفني ويؤسف الكثيرين من مختصي هذا اللون من الأدب وعشاقه، ان بعض شعرائه وخاصة الشباب منهم،  المتأثرين بأجواء حروب طويلة، باتوا اليوم يدسون السم الأسود في دم القصيدة بوعي أو دونه، متناسين أن الشعر لغة ورسالة، تحاول صناعة الجمال من الخراب، وليس العكس، شعراء تأثروا كثيراً بما عاشوه من بؤس صار سمة لشعرهم، ليكحلوا قصائدهم بلون الدم القاني، جراء تعرضهم لويلات حروب ونزاعات طويلة، سواء أكانت تلك النزاعات دينية او سياسية، حتى بدأنا نلحظ بين طيات قصائدهم نزق الحرب والثأر والغضب حتى وإن كان محاكاة لرسائل نابعة من فراغ لا يعرف حتى الشاعر نفسه ماهيتها، أستطيع تسميتها "آيديولوجيا القصيدة"، لكنه مجرد عباءة يتصور الشاعر فيها أنها لباسه الذي سيصل به لعنان السماء في قلوب وعقول محبي الشعر، متناسياً إن محبي قصائده تلك هم المحيطون به في بيئته ومحيطه الجغرافي، وأنه بهذه العبارات المغمسة بالسم، كمن يطلق سهمه إلى قلب جمالنا الأبدي.
وهنا نلاحظ تأثيراً ثانياً، وهو كما أشرت، البيئة او المكان الذي يعيش فيه الشاعر، فلكل واحدٍ فيهم منطقة ينحصر بها، كأن تكون مدينته أو محافظته التي يرجع إليها في فكرته عن الشعر، أو عن الواقع ألذي يستند له في الكتابة، ويأطره بمايحيط به من تأثيرات خارجية من واقع المكان وطريقة العيش فيه، ضمن نطاق رقعته المرتبطة سلباً أو ايجاباً، حسب واقعها، بطريقة تفكيره، وأسميها هنا "جغرافيا القصيدة".
وطبعاً آيديولوجيا القصيدة وجغرافيتها يسلط عليهما تأثير عامل مهم، إلا وهو الزمن، وبمعنى أوضح "تأريخ القصيدة"، أي الزمن الذي كتب فيها الشاعر قصيدته، ولو قارنا ما بين قصائد الستينيات أو السبعينيات أو ما سمعنا وقرأنا من العقود السالفة، لوجدنا فرقاً شاسعاً في نوعية اختيار المفردة وجمالية الصورة الشعرية ورومانسية القصيدة وشفافية الكلمة المنظومة في الشعر، وحرص الشاعر على إتقان الكتابة من حيث الشكل والمعنى، وهنا لا أريد أن أضطهد الشعراء الشباب وإتهامهم جميعاً بتهمٍ مثل الجحود في المفردة ووحشية الصورة الشعرية وسوداوية النظرة العامة للحب، وقسوة الكلمة، لكن هذا أصبح الطابع العام للقصيدة حالياً، ربما ليس للجميع، لكنه مشخص عند الأغلبية، ومن الصعب أن يستلهم الناس شعراً يحاول الشاعر من خلاله تشبيه الحب بالحرب، أو يصف عيني حبيبته بالقنابل والبنادق وما شابهها من الأسلحة، أو يصف شعرها بالسيوف ويصف عاذليه بأعداءٍ له، عداؤه معهم طائفي، وما إلى ذلك من مخلفات السنوات الأخيرة، والأكثر أسفاً هو أن ينساق بعض الشعراء إلى تجسيد الطائفية والحرب في قصائدهم والدعوة لها أيضاً، والتغني بها كراية نصر أو ميزة تميزه عن أقرانه من الشعراء.
هذا كله واكثر بدأت أراه يُصبح اللون الواضح للشعر الشعبي، بعيداً عن كل ما تحمله اللغة من جمال، وكأن لا شيء حولنا، سوى الموت!.

http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=34333

بصيص أمل

منذر زكي
أحترق في الريح، وتناثرت صفحاته على سفوح جبال الهملايا، حيث الدب الثلجي والحارس الأمين....فلا تنوله الأيدي الخفية لتحريفه أبداً، لقد أصبح كتاريخ الفراعنة العتيق، والهرم الكبير، وأبو الهول... صخور ثابتة مكتوب عليها (آثار للسياح)... هكذا أصبح الأدب الشعبي هنا... توقف أبداعه كسكون الأمم الكبيرة.. وزوال أمبراطوريتها العريقة، مع الأشارة الى استمرار مؤريخها وفلاسفتها عبر الأزمنة، حيث لم يتأثروا بالعصور الجليدية.. ما روعتها.!.. لتجميد الأحاسيس والأبداع العفوي في التجديد.. ونشهد لها بالحفاظ على رفات الكتب الازليه، رغم كل شيء.
نعم... لقد توقف الميل عن الحركة..!.. عند الساعة صفر، فأصبح وقت الصيف خجولاً، والشتاء  شاحب الوجه، فلا رنة تأتي بأمل... سوى... من كان حرفاً من حروف الالهه، والتي قيل فيها لن تمس.

ذهب الماضي ومازالت الانظار تتطلع الى البعيد المجهول...  فهل هنالك بصيص  امل..؟.. رغم كل شيء يبوء في السواد، فالظلمة حالكة.. والقنديل يبعد ألف ميل، والاشواك تتشعب من الفضائيات السخية،  والكل يصفق للسراب، نعلم..اصيبوا بحمة عمياء،  والعطش يغمر الجميع،...الا...من تحصن بكلمات مقدسة، واغرق نفسه في ماء الخلود، اهٌ...كم اضنى ذلك كلكامش، واضنانا ايضاً،  لانرى... سوى الضباب وبعض الايام المرة... وقليل من كلمات النواب.. (أيام المزبن كَضن    دكَضن يا أيام اللف)...وأذا بشاعر يغوص كما غاص النواب، بحور لم يخضها الا القليل، وصولاً للضفة الاخرى.... حيث الثمار في جزر القوافي، وحور العين جالسات على عتبات الحداثة تومي لهذا الشاعر الجميل... الذي ماهو الا خريجاَ من المدرسة النوابية، ذات العناقيد المتناثرة على  شفاه الدر والياسمين... والتي أشعلت غيظاً في البساتين.. (وصفولي عنك.. شال منك غيظ بستان الورد والنرجس الرايج سكر).
لقد تشابه كثيراً الشاعر (مؤيد الطيب)  بسمفونية النواب، تناول سلم الحداثة بأتقان واسع... مبني على الثقافة الادبية أولاً، واقتناء المفردة الحية ثانياً... وأيضاً  أجتاح  سهول الأوزان، بخضار ناصع، مليء بأزهار البنفسج... غني بشواطئ دجلة والفرات، مفعم بأزقة الشعر الشعبي وحواريه الغنية بالتراث.


(الطيب) شاعر يحمل البصيص في رؤية الماضي الجميل، والزخرفة الروحية في الأبداع الشعري... التي نراها في النص الآتي له:

واااه
لو اموتن مثل دمعه عله خدك
وانته تمسحني ابمناديل الوداع
ومني ما يبقه اثر
وصغت دمعاتي عله وجناتي نجوم
وصرت انه الليل من كثر السهر
وياكمر
رد انه ليلك ياكمر
ياكمر
وحشه بلياك العمر
وجيتك انه ابجي برعونة طفل تايه
ضيع امه
وحرت جن حيرت رماد
وطار بجفوف المنايه ورايد اجفوف التلمه
وانه ناعور اصبحت والحزن ماي


لقد ولد هذا الانبثاق الجميل في النص  السابق.. (بما حمله من عمق في الصورة، حيث البعد المرتجى... وصولا الى سطح المفردة  البسيطة، ذات التداول الشعبي البحت)... نمط في تناول الحداثة اللغوية، ورسوخاً على مرسى الموانئ النوابيه العريقة، مبتعداً بذلك عن جفاف الصورة الشعرية، وتكسر اوصارها... والاختفاء مع الزمن البسيط.. ونرى ذلك في النص الاتي:


واحد عشرة
شفت الكون بصفنة عيني
الكون بكبرة
وشفت سوالف روحي الطفلة..... بحبج طفلة
تلاعب رمش الدنيا بضحكة شوكَـ ونظرة
بواحد عشرة
طلعت اطفال ألي بصدري
يطشون ورود وفرّاش بروحي الخضرة
أزرع عيد بكَاع أحساسي
تخضر مرجوحة صغيرونة
أسكَيها أطفال وضحكات بعين الفقرة
بواحد عشرة
تعلمت أعشكَـ كل الناس بحبج أنتِ
وشفت الناس تغني وتركَص كلها براسي بلوحة فكرة
تعلمت احجي
تعلمت أبجي
لاتزال الشمس في الظهور، فأن لم نراها ليلا.... ستشرق في الافق القريب، ولا زالت الاقلام ترمي حبرها... على اوراق الياسمين رغم ذبولها احياناً... تدون من كان في انامله سحر الوجود، بعيدا عن الحصى... والعرافة التي تجوب البلاد... وما من سائل يسألها هل من مزيد؟

http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=32265

مواهب وإبداع - مؤيد الطيب انموذجاً-

حسين رشيد

1
تكمن اهمية كل عمل في مدى ما يقدم من مكتشف جديد، يكون له اثر واضح وبصمة خاصة في ذاك المجال المكتشف. وهذا المكتشف الجديد لابد ان تكون له سمات وميزات خاصة، كانت سببا اول في دفع ولفت نظر من اكتشفه وقدمه. ما يعنينا هنا ليست الاكتشافات العلمية او الرياضية او الفنية. فالصفحة متخصصة في مجال هام وحيوي الا وهو الثقافة والادب الشعبي. وبشكل خاص ومميز الشعر الشعبي العراقي. ذاك المجال الابداعي الهام والمؤثر بشكل كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية العراقية. حيث ارتبط الشعر الشعبي  بوجدان الفرد العراقي منذ تاسيس الدولة العراقية. اذ حمل هموم واشكالات الفرد العراقي وصاغها على شكل قصائد او ابوذيات او دارميات. حول البعض منها الى اغان لاتزال عالقة في الذاكراة العراقية، وحتى المنالوج الساخر والناقد يمكن ان يدرج ضمن هذا المجال كونه يكتب باللهجة العامية المحكية والمتدوالة بشكل شعبي في عموم البلد، رغم اختلاف بعض المفردات والصياغات وشيوعها في منطقة دون اخرى، او اختلافها ما بين الريف والمدينة.

2
ما عجزت عنها العديد من برامج ومسابقات الشعر الشعبي الفضائية منها والاذاعية، في اكتشاف او تقديم موهبة ابداعية، يمكن ان يكون لها مستقبل في حمل لواء الشعر الشعبي العراقي، وكتابته بشكل حداثوي مغاير لما يكتب وينشر ويذاع الان مما يحسب على الشعر الشعبي. قدمه الشاعر كاظم غيلان في صفحته الاسبوعية، وتناوله نقديا الى حد ما، مشيرا في تقديمه الى تجربة الرائد الكبير مظفر النواب. وتحديثه للشعر الشعبي العراقي، فالنواب ومن خلال صياغة مفردات قصيدته بلهجة محكية مشتركة بين الريف والمدينة، وهي في ذات الوقت لهجة وصياغة عالية المفهوم والدلالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والجمالية والابداعية. عدا محدث الشعر الشعبي العراقي.
تقديم اية موهبة ابداعية مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المقدم، وحتى كتابة المقدمة مسؤولية ربما تكون اكبر، وما كتبه الشاعر كاظم غيلان في تقديمه للشاعر الشاب مؤيد الطيب وقصيدته "الانسان الكامل". ربما اثار البعض ممن لايعرفون الطيب، وهذا حق. لكن باعتقادي ان شاعر مثل كاظم غيلان يملك ادواته الابداعية الشعرية منها والنقدية وحتى الصحفية، مع تاريخ طويل في هذا المجال الابداعي، ومجايلة لكبار الشعراء الشعبيين، اظنه لايكتب شيئا هذرا او مجمالة او ماشابه ذلك فهو لايقنتع بسهولة خاصة اذ ما تعلق الامر بالشعر الشعبي.

3
في اغلب دول العالم تعامل المواهب والكفاءات بشكل خاص، وتتم العناية بها ايضا بشكل خاص، سوا كان اعلاميا او نقديا وحتى معاشيا وحياتيا من خلال توفير بعض او كل مستلزمات العيش، لاجل ان تتفرغ تلك المواهب والكفاءات الى الابداع والتقدم. لكن في العراق الوضع اخر فالكثير من المواهب مشى عليه الدهر، وانتهت الى وضع غير سار، ومصير تلاعبت به الاقدار بشكل جارف.
نحن الان امام موهبة نوعية في مجال ابداعي عراقي، يفترض ان تولى اهمية خاصة وعناية كبيرة، وان يقدم لها كل العون والدعم من اجل بقاء الشعر الشعبي العراقي معافا وسالما من العاهات التي تريد اعاقته من خلال سهولة الكتابة والنشر والتداول.
مؤيد الطيب شاعر يملك الكثير الكثير، فهو من بيئة كادحة وطبقة فقيرة عانت الكثير من القهر والضيم والحرمان، وهو بذلك يملك خزينا من تصورات وهموم واشكالات فردية كانت او جمعية مجتمعية. اضافة الى مواهبه الكبيرة، وطاقته الابداعية التي اخذت تتفجر يوما بعد اخر. ما ظنه ان الطيب سيبقى يتذكر ويذكر ما كتبه غيلان عنها طوال حياته، كما اظنه سيحتفظ بتلك الصفحة، مثلما يحتفظ كاظم غيلان بصفحة ادب شعبي بصحيفة طريق الشعب منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث نشر اول قصيدة له، عادا تلك الصفحة  اهم من هويته الشخصية التي اضاعها عدت مرات لكن تلك الصفحة في الحفظ والصون مثلما يقول هو ذلك. شكرا لكاظم غيلان، وهنيئا لمؤيد الطيب، ومبارك للشعر الشعبي العراقي هذه الموهبة الجديدة التي نأمل من الكل ان يرعاها ويدعمها.

http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=30931

مؤيد الطيب: فهم الشِعر أكبر وأعظم من نشره

 حوار: كاظم غيلان  
يجيب الشاعر المبدع مؤيد الطيب عن اسئلة لربما كان لعنصر المفاجأة فيها الكثير، الا انه امتلك زمام مبادرة الأجابة الحقة ، عن اسئلة لربما يحرج خلالها العديد من الشعراء المحسوبين على مشهدنا الشعري، ومؤيد شاعر  من الطراز الذي لا تسمح له معرفياته واكتنازه بأن يمارس اللهاث خلف كاميرات وفضائيات بقدر ما يراهن على صمته الذي يجيب على  الصمت نفسه ويرد عليه بما هو معرفي وبعيد عن التسطيح.
* الشعراء يأتون من جهات عديدة فمن أية جهة أتيت؟
- لا أستطيع أن أحدد جهة واحدة فأنا أتيت من العراق، أي أنني جئت من كل الجهات، ورغم غموض السؤال، فربما يكون القصد هنا، من أي منطلق شعري أتيت؟، وأستطيع أن أقول هنا، أنني لم آت من أي منطلق، فمنطلقي الشعر بحد ذاته، أي أني أتيت من باب القصيدة، الباب الذي لا يقف عند حدٍ ما، أو منطقة إبداعية ما، فالشعر هو بداية لا نهاية لها، في كل لونٍ له، سواء كان فصيحا أو عاميا، وهذه وجهة نظري، ومن تلك الوجهة انطلقت شعرياً لأعكس ما يدور في داخلي من صراع ومن مشاعر، سواءً على مستوى الحب والوجدان، أو على مستوى حب الوطن.

الاشكالية
* ثمة إشكالية في شعر العامية العراقية، هل هي التي أسهمت في تأخرك بالنشر؟
 أعتقد إن الإشكالية في شعر العامية تنحصر عند مخيلة الشاعر نفسه، ومخيلتي كشاعر أو كإنسان يعيش وسط الفوضى الأدبية أو الفوضى الاجتماعية العامة التي يعيشها كل العراقيين تقريباً، تنحصر في وجودي كرسول يحاول بكل ما يستطيع من مخيلة أن يعكس واقعه بنوعٍ أدبي يكاد أن يكون هو الأول بسبب قربه من كل عقول المجتمع أو من كل أساليب التفكير فيه،
وهذا ما جعلني أفكر ملياً قبل أي نشر لأي مفردة أنطق بها، وعلى كل المستويات من أنواع الشعر وحرفه، خاصة ونحن نعيش وسط ما نراه من ظلام يحيط بقلوب الناس وأسلوب حياتهم، وطبعا أنا متأكد بأن التأخر في النشر والتأني به هو إيجابي جداً، حيث يكشف أمامي وأمام أي شاعر أغوار الشعر ومعالمه الخفية، خاصة حين يكون الشاعر مقتنعا بأن الفهم أكبر وأعظم من النشر.

شعر الأمية
* يأخذ على شاعر العامية في العراق تراجع خلفيته الثقافية، فهل استعنت بخلفية ثقافية تعينك على منجزك الشعري؟
-دائماً يُقال بأن الشاعر بصورة عامة هو إبن بيئتهِ، إذن فالشاعر هو مرآة لتلك البيئة، بحسناتها وسيئاتها، وشاعر العامية ينطبق عليه هذا القول كجزء من المنظومة الأدبية ألتي أخذت على عاتقها نقل وسرد الأحداث التي يمر بها وفق زمن وجغرافيا وجوده كشاعر وناقل لما يدور، حتى وإن كان على مستوى وجدانه وأحاسيسه المرتبطة بمفاصل حياته الخاصة، فالشاعر كشخص مرتبط وجودياً بمحيط عام هو جزء لا يتجزء منه، فهو جزء مما يدور في هذا المحيط، إذن ثقافة الشاعر هي جزء من نوع وطابع الحياة التي يعيشها، وهذا ينطبق عليّ بالتأكيد، لكن هناك ماهو أكبر من المحيط والوجود نفسه، إلا وهو الثقافة الذاتية، وهذه الثقافة هي وسيلة ربما تكون للعيش وطلب الرزق أحياناً، لكنها تختلف بين شخص وآخر، وبالنسبة لي هي مصدر فكري بعيداً عن المحيط الأول الذي أعيش فيه كطالبٍ للرزق، ولذلك حصرت كل ما احمل من ثقافة بسيطة وصلت لها تلقائياً، في مجال واحد، إلا وهو الشعر، ونوع تلك الثقافة مرتبط جلياً بنوع قراءاتي المرتبطة أيضاً بخاصية الحياة التي أعيشها، وتلك الحياة تلخصت بعد ما رأيت من مشاكل ومصاعب ومشاغل، بأصدقاء أضافوا لي الكثير مما أعرف من ثقافة، وكانوا هم الرافد الأول لي في منحي الثقة بشعريتي، والثقة بثقافتي المتواضعة، وعرفت الفرق في رؤيتي للشعر بنوعية قراءتي للكتب، بشكلٍ عام.

الرؤى والشعر
* في الليل العراقي وفي نهاره ما يعين على الرؤى الشعرية، كيف يمكن لك أن تقتنص هذه الرؤى؟
- كثير من الأشياء حولنا هي صور جمالية تمنح أي ناظر لها رؤى يستطيع أن يعكسها على حياته أو فنه أو أدبه، وبالطريقة التي يريد وقت ما شاء، وهذه الصور تُصاغ في مخيلة الشاعر حسب ما يشتهي أو حسب ما يختلج في صدره من إحساس لحظة الكتابة، ولحظة الكتابة هي من تحدد نوع الاقتناص في حالة إن كانت ليلاً أو نهاراً، لكن هذا لا يعني إن الرؤى تنعكس بحتمية على ما أكتب من شعر، بل أحددها أنا وأصوغ مفرداتها حسب طريقتي في الكتابة التي أعتمد فيها على التجربة "النوابية"، أي الحداثة في الشعر، وكتابة القصيدة الحرة، وقد جربت الكثير من الأشياء وعرفت بأن طعمها لا يكتمل إلا بالحرية، فمن الضروري أن يبحر الشاعر بخياله الواسع للبحث عن الرؤى، بدون أي تحجيم أو تقييد لقلمه وشعره ومفرداته وصوره الشعرية.

النقد الهادم
* هل أنصف الناقد العراقي تجربة الشعر الشعبي؟
-الشعر الشعبي مظلوم من كل الجهات، وليس فقط من جهة النقد، لكن أعتبر إن النقد بحق الشعر الشعبي كان هادماً له وليس ظالماً فقط، فالنقاد أخذوا الوجه المشوه للشعر، وهو الوجه السيئ في الكتابة لدى بعض من حاولوا أن يلبسوا ثوب الشعر، وبدأ النقاد برجمونه بألسنتهم وأقلامهم حتى وصل للكثيرين خاصة المثقفين من الناس بأن الشعر الشعبي هو الوجه غير الحضاري للإنسان، وأعجب على ذلك، فكيف يسخر الناس من لغتهم الدارجة؟!، وكيف نغض النظر عن جميل القصائد ورائعاتها ونتمسك فقط بالشاذ منها ونعده منطلقاً لنا!، لذلك أرى بأن النقد في الشعر الشعبي كان وما زال يعتمد على مهاجمة الشعر، وعدم المساس ببعض الأسماء التي لا ننكر فضلها على هذا اللون الأدبي الرائع، متناسياً ومتجاهلاَ ما يكتب وكُتب من قصائد، وأتمنى أن يكون للنقد الدور الكبير في إعادة الشعر لمساره الإبداعي لا تجاهله، وتشذيب القصائد والشعراء.http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=33267

الأحد، 24 يونيو 2012

شاعر يجيب على الغياب


كاظم غيلان    
" من مآسي الشاعر الحديث ان عليه أن يخلق شعره وقارئه، أن يملأ الفراغ. أن يشيع الأبد" 
أدونيس
مؤيد الطيب، اسم شعري غير متداول، ولم يخضع نفسه لمجانية الشهرة بقدر ما يراهن على انتصار موهبته، هذه التي تشكلت كما ضفة لن تقابلها سوى  ضفة التجربة النوابية التي تشبه سماء مشتعلة بنجوم جمال الكون وأسراره. 
تشبثت بالسؤال عنه وأنا اتسلم قصيدته المنشورة اليوم ( انسان كامل) عبر صديقي الجميل علي السومري.
تطايرت شكوكي في القراءة الأولى لقصيدته فاحتكمت صديقي الشاعر والناقد د. حمد الدوخي بعد أن تأكدت من ان هذا النص لم ينشر باسم النواب ضمن أشعاره اللامنشورة فأتفقنا على ان هذا النص لمؤيد وحده. 
ثم.. بكيت كثيراً وأنا أعيش ذروة فرح المفاجأة التي أكدت لي استمرارية الحياة وبوصلتها التي تشير لضفة الجمال وزهوه العظيم.
مؤيد الطيب شاعر لم يخضع للتصدير والاستيراد لأنه يضخ جماله الابداعي متنازلاً عن لهاث الشهرة التي صنعت في دواخله الاحتجاج النبيل على كل ماهو مقرف ودنيء في مسالك العالم السفلي، ويندفع بكل ما في الاندفاع من مبررات الكينونة لأن يقول حيثما يشاء هو، ويشاء الفضاء الابداعي. 
كم شهد شعر العامية العراقية من تراجع مؤلم يبعث على الأسى، الا ان مؤيد وبقصيدته هذه يجيب بمنطق ( رد الاعتبار) لمشهد هذا الشعر، أو بالاحرى هذا النمط الابداعي، كأنه يسنده على كتفه الطري ليجتاز به ذلك السبيل الذي ضاق بعجلات الطارئين والطارئات. 
أيه ايها الشاعر، ها أنذا الآن استعيد بك زمان(للريل وحمد) و(أغاني الدرويش) و(حلم وتراب) و(خطوات على الماء).. والخ من نبوغات النتاج الشعبي العظيم.. متنازلاً لك عن كل ما أمتلك من ثروتي الشعرية(بافتراض امتلاكها)  بشرط أن اتقبل كل ماهو بذيء من ردود أفعال الموتورين وأشباه الشعراء، مع اعتذاري لك ولانسانك الكامل.