حوار: كاظم غيلان
يجيب الشاعر المبدع مؤيد الطيب عن اسئلة لربما كان لعنصر المفاجأة فيها الكثير، الا انه امتلك زمام مبادرة الأجابة الحقة ، عن اسئلة لربما يحرج خلالها العديد من الشعراء المحسوبين على مشهدنا الشعري، ومؤيد شاعر من الطراز الذي لا تسمح له معرفياته واكتنازه بأن يمارس اللهاث خلف كاميرات وفضائيات بقدر ما يراهن على صمته الذي يجيب على الصمت نفسه ويرد عليه بما هو معرفي وبعيد عن التسطيح.
* الشعراء يأتون من جهات عديدة فمن أية جهة أتيت؟
- لا أستطيع أن أحدد جهة واحدة فأنا أتيت من العراق، أي أنني جئت من كل الجهات، ورغم غموض السؤال، فربما يكون القصد هنا، من أي منطلق شعري أتيت؟، وأستطيع أن أقول هنا، أنني لم آت من أي منطلق، فمنطلقي الشعر بحد ذاته، أي أني أتيت من باب القصيدة، الباب الذي لا يقف عند حدٍ ما، أو منطقة إبداعية ما، فالشعر هو بداية لا نهاية لها، في كل لونٍ له، سواء كان فصيحا أو عاميا، وهذه وجهة نظري، ومن تلك الوجهة انطلقت شعرياً لأعكس ما يدور في داخلي من صراع ومن مشاعر، سواءً على مستوى الحب والوجدان، أو على مستوى حب الوطن.
الاشكالية
* ثمة إشكالية في شعر العامية العراقية، هل هي التي أسهمت في تأخرك بالنشر؟
أعتقد إن الإشكالية في شعر العامية تنحصر عند مخيلة الشاعر نفسه، ومخيلتي كشاعر أو كإنسان يعيش وسط الفوضى الأدبية أو الفوضى الاجتماعية العامة التي يعيشها كل العراقيين تقريباً، تنحصر في وجودي كرسول يحاول بكل ما يستطيع من مخيلة أن يعكس واقعه بنوعٍ أدبي يكاد أن يكون هو الأول بسبب قربه من كل عقول المجتمع أو من كل أساليب التفكير فيه،
وهذا ما جعلني أفكر ملياً قبل أي نشر لأي مفردة أنطق بها، وعلى كل المستويات من أنواع الشعر وحرفه، خاصة ونحن نعيش وسط ما نراه من ظلام يحيط بقلوب الناس وأسلوب حياتهم، وطبعا أنا متأكد بأن التأخر في النشر والتأني به هو إيجابي جداً، حيث يكشف أمامي وأمام أي شاعر أغوار الشعر ومعالمه الخفية، خاصة حين يكون الشاعر مقتنعا بأن الفهم أكبر وأعظم من النشر.
شعر الأمية
* يأخذ على شاعر العامية في العراق تراجع خلفيته الثقافية، فهل استعنت بخلفية ثقافية تعينك على منجزك الشعري؟
-دائماً يُقال بأن الشاعر بصورة عامة هو إبن بيئتهِ، إذن فالشاعر هو مرآة لتلك البيئة، بحسناتها وسيئاتها، وشاعر العامية ينطبق عليه هذا القول كجزء من المنظومة الأدبية ألتي أخذت على عاتقها نقل وسرد الأحداث التي يمر بها وفق زمن وجغرافيا وجوده كشاعر وناقل لما يدور، حتى وإن كان على مستوى وجدانه وأحاسيسه المرتبطة بمفاصل حياته الخاصة، فالشاعر كشخص مرتبط وجودياً بمحيط عام هو جزء لا يتجزء منه، فهو جزء مما يدور في هذا المحيط، إذن ثقافة الشاعر هي جزء من نوع وطابع الحياة التي يعيشها، وهذا ينطبق عليّ بالتأكيد، لكن هناك ماهو أكبر من المحيط والوجود نفسه، إلا وهو الثقافة الذاتية، وهذه الثقافة هي وسيلة ربما تكون للعيش وطلب الرزق أحياناً، لكنها تختلف بين شخص وآخر، وبالنسبة لي هي مصدر فكري بعيداً عن المحيط الأول الذي أعيش فيه كطالبٍ للرزق، ولذلك حصرت كل ما احمل من ثقافة بسيطة وصلت لها تلقائياً، في مجال واحد، إلا وهو الشعر، ونوع تلك الثقافة مرتبط جلياً بنوع قراءاتي المرتبطة أيضاً بخاصية الحياة التي أعيشها، وتلك الحياة تلخصت بعد ما رأيت من مشاكل ومصاعب ومشاغل، بأصدقاء أضافوا لي الكثير مما أعرف من ثقافة، وكانوا هم الرافد الأول لي في منحي الثقة بشعريتي، والثقة بثقافتي المتواضعة، وعرفت الفرق في رؤيتي للشعر بنوعية قراءتي للكتب، بشكلٍ عام.
الرؤى والشعر
* في الليل العراقي وفي نهاره ما يعين على الرؤى الشعرية، كيف يمكن لك أن تقتنص هذه الرؤى؟
- كثير من الأشياء حولنا هي صور جمالية تمنح أي ناظر لها رؤى يستطيع أن يعكسها على حياته أو فنه أو أدبه، وبالطريقة التي يريد وقت ما شاء، وهذه الصور تُصاغ في مخيلة الشاعر حسب ما يشتهي أو حسب ما يختلج في صدره من إحساس لحظة الكتابة، ولحظة الكتابة هي من تحدد نوع الاقتناص في حالة إن كانت ليلاً أو نهاراً، لكن هذا لا يعني إن الرؤى تنعكس بحتمية على ما أكتب من شعر، بل أحددها أنا وأصوغ مفرداتها حسب طريقتي في الكتابة التي أعتمد فيها على التجربة "النوابية"، أي الحداثة في الشعر، وكتابة القصيدة الحرة، وقد جربت الكثير من الأشياء وعرفت بأن طعمها لا يكتمل إلا بالحرية، فمن الضروري أن يبحر الشاعر بخياله الواسع للبحث عن الرؤى، بدون أي تحجيم أو تقييد لقلمه وشعره ومفرداته وصوره الشعرية.
النقد الهادم
* هل أنصف الناقد العراقي تجربة الشعر الشعبي؟
-الشعر الشعبي مظلوم من كل الجهات، وليس فقط من جهة النقد، لكن أعتبر إن النقد بحق الشعر الشعبي كان هادماً له وليس ظالماً فقط، فالنقاد أخذوا الوجه المشوه للشعر، وهو الوجه السيئ في الكتابة لدى بعض من حاولوا أن يلبسوا ثوب الشعر، وبدأ النقاد برجمونه بألسنتهم وأقلامهم حتى وصل للكثيرين خاصة المثقفين من الناس بأن الشعر الشعبي هو الوجه غير الحضاري للإنسان، وأعجب على ذلك، فكيف يسخر الناس من لغتهم الدارجة؟!، وكيف نغض النظر عن جميل القصائد ورائعاتها ونتمسك فقط بالشاذ منها ونعده منطلقاً لنا!، لذلك أرى بأن النقد في الشعر الشعبي كان وما زال يعتمد على مهاجمة الشعر، وعدم المساس ببعض الأسماء التي لا ننكر فضلها على هذا اللون الأدبي الرائع، متناسياً ومتجاهلاَ ما يكتب وكُتب من قصائد، وأتمنى أن يكون للنقد الدور الكبير في إعادة الشعر لمساره الإبداعي لا تجاهله، وتشذيب القصائد والشعراء.http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=33267
يجيب الشاعر المبدع مؤيد الطيب عن اسئلة لربما كان لعنصر المفاجأة فيها الكثير، الا انه امتلك زمام مبادرة الأجابة الحقة ، عن اسئلة لربما يحرج خلالها العديد من الشعراء المحسوبين على مشهدنا الشعري، ومؤيد شاعر من الطراز الذي لا تسمح له معرفياته واكتنازه بأن يمارس اللهاث خلف كاميرات وفضائيات بقدر ما يراهن على صمته الذي يجيب على الصمت نفسه ويرد عليه بما هو معرفي وبعيد عن التسطيح.
* الشعراء يأتون من جهات عديدة فمن أية جهة أتيت؟
- لا أستطيع أن أحدد جهة واحدة فأنا أتيت من العراق، أي أنني جئت من كل الجهات، ورغم غموض السؤال، فربما يكون القصد هنا، من أي منطلق شعري أتيت؟، وأستطيع أن أقول هنا، أنني لم آت من أي منطلق، فمنطلقي الشعر بحد ذاته، أي أني أتيت من باب القصيدة، الباب الذي لا يقف عند حدٍ ما، أو منطقة إبداعية ما، فالشعر هو بداية لا نهاية لها، في كل لونٍ له، سواء كان فصيحا أو عاميا، وهذه وجهة نظري، ومن تلك الوجهة انطلقت شعرياً لأعكس ما يدور في داخلي من صراع ومن مشاعر، سواءً على مستوى الحب والوجدان، أو على مستوى حب الوطن.
الاشكالية
* ثمة إشكالية في شعر العامية العراقية، هل هي التي أسهمت في تأخرك بالنشر؟
أعتقد إن الإشكالية في شعر العامية تنحصر عند مخيلة الشاعر نفسه، ومخيلتي كشاعر أو كإنسان يعيش وسط الفوضى الأدبية أو الفوضى الاجتماعية العامة التي يعيشها كل العراقيين تقريباً، تنحصر في وجودي كرسول يحاول بكل ما يستطيع من مخيلة أن يعكس واقعه بنوعٍ أدبي يكاد أن يكون هو الأول بسبب قربه من كل عقول المجتمع أو من كل أساليب التفكير فيه،
وهذا ما جعلني أفكر ملياً قبل أي نشر لأي مفردة أنطق بها، وعلى كل المستويات من أنواع الشعر وحرفه، خاصة ونحن نعيش وسط ما نراه من ظلام يحيط بقلوب الناس وأسلوب حياتهم، وطبعا أنا متأكد بأن التأخر في النشر والتأني به هو إيجابي جداً، حيث يكشف أمامي وأمام أي شاعر أغوار الشعر ومعالمه الخفية، خاصة حين يكون الشاعر مقتنعا بأن الفهم أكبر وأعظم من النشر.
شعر الأمية
* يأخذ على شاعر العامية في العراق تراجع خلفيته الثقافية، فهل استعنت بخلفية ثقافية تعينك على منجزك الشعري؟
-دائماً يُقال بأن الشاعر بصورة عامة هو إبن بيئتهِ، إذن فالشاعر هو مرآة لتلك البيئة، بحسناتها وسيئاتها، وشاعر العامية ينطبق عليه هذا القول كجزء من المنظومة الأدبية ألتي أخذت على عاتقها نقل وسرد الأحداث التي يمر بها وفق زمن وجغرافيا وجوده كشاعر وناقل لما يدور، حتى وإن كان على مستوى وجدانه وأحاسيسه المرتبطة بمفاصل حياته الخاصة، فالشاعر كشخص مرتبط وجودياً بمحيط عام هو جزء لا يتجزء منه، فهو جزء مما يدور في هذا المحيط، إذن ثقافة الشاعر هي جزء من نوع وطابع الحياة التي يعيشها، وهذا ينطبق عليّ بالتأكيد، لكن هناك ماهو أكبر من المحيط والوجود نفسه، إلا وهو الثقافة الذاتية، وهذه الثقافة هي وسيلة ربما تكون للعيش وطلب الرزق أحياناً، لكنها تختلف بين شخص وآخر، وبالنسبة لي هي مصدر فكري بعيداً عن المحيط الأول الذي أعيش فيه كطالبٍ للرزق، ولذلك حصرت كل ما احمل من ثقافة بسيطة وصلت لها تلقائياً، في مجال واحد، إلا وهو الشعر، ونوع تلك الثقافة مرتبط جلياً بنوع قراءاتي المرتبطة أيضاً بخاصية الحياة التي أعيشها، وتلك الحياة تلخصت بعد ما رأيت من مشاكل ومصاعب ومشاغل، بأصدقاء أضافوا لي الكثير مما أعرف من ثقافة، وكانوا هم الرافد الأول لي في منحي الثقة بشعريتي، والثقة بثقافتي المتواضعة، وعرفت الفرق في رؤيتي للشعر بنوعية قراءتي للكتب، بشكلٍ عام.
الرؤى والشعر
* في الليل العراقي وفي نهاره ما يعين على الرؤى الشعرية، كيف يمكن لك أن تقتنص هذه الرؤى؟
- كثير من الأشياء حولنا هي صور جمالية تمنح أي ناظر لها رؤى يستطيع أن يعكسها على حياته أو فنه أو أدبه، وبالطريقة التي يريد وقت ما شاء، وهذه الصور تُصاغ في مخيلة الشاعر حسب ما يشتهي أو حسب ما يختلج في صدره من إحساس لحظة الكتابة، ولحظة الكتابة هي من تحدد نوع الاقتناص في حالة إن كانت ليلاً أو نهاراً، لكن هذا لا يعني إن الرؤى تنعكس بحتمية على ما أكتب من شعر، بل أحددها أنا وأصوغ مفرداتها حسب طريقتي في الكتابة التي أعتمد فيها على التجربة "النوابية"، أي الحداثة في الشعر، وكتابة القصيدة الحرة، وقد جربت الكثير من الأشياء وعرفت بأن طعمها لا يكتمل إلا بالحرية، فمن الضروري أن يبحر الشاعر بخياله الواسع للبحث عن الرؤى، بدون أي تحجيم أو تقييد لقلمه وشعره ومفرداته وصوره الشعرية.
النقد الهادم
* هل أنصف الناقد العراقي تجربة الشعر الشعبي؟
-الشعر الشعبي مظلوم من كل الجهات، وليس فقط من جهة النقد، لكن أعتبر إن النقد بحق الشعر الشعبي كان هادماً له وليس ظالماً فقط، فالنقاد أخذوا الوجه المشوه للشعر، وهو الوجه السيئ في الكتابة لدى بعض من حاولوا أن يلبسوا ثوب الشعر، وبدأ النقاد برجمونه بألسنتهم وأقلامهم حتى وصل للكثيرين خاصة المثقفين من الناس بأن الشعر الشعبي هو الوجه غير الحضاري للإنسان، وأعجب على ذلك، فكيف يسخر الناس من لغتهم الدارجة؟!، وكيف نغض النظر عن جميل القصائد ورائعاتها ونتمسك فقط بالشاذ منها ونعده منطلقاً لنا!، لذلك أرى بأن النقد في الشعر الشعبي كان وما زال يعتمد على مهاجمة الشعر، وعدم المساس ببعض الأسماء التي لا ننكر فضلها على هذا اللون الأدبي الرائع، متناسياً ومتجاهلاَ ما يكتب وكُتب من قصائد، وأتمنى أن يكون للنقد الدور الكبير في إعادة الشعر لمساره الإبداعي لا تجاهله، وتشذيب القصائد والشعراء.http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=33267
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق