الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

مواهب وإبداع - مؤيد الطيب انموذجاً-

حسين رشيد

1
تكمن اهمية كل عمل في مدى ما يقدم من مكتشف جديد، يكون له اثر واضح وبصمة خاصة في ذاك المجال المكتشف. وهذا المكتشف الجديد لابد ان تكون له سمات وميزات خاصة، كانت سببا اول في دفع ولفت نظر من اكتشفه وقدمه. ما يعنينا هنا ليست الاكتشافات العلمية او الرياضية او الفنية. فالصفحة متخصصة في مجال هام وحيوي الا وهو الثقافة والادب الشعبي. وبشكل خاص ومميز الشعر الشعبي العراقي. ذاك المجال الابداعي الهام والمؤثر بشكل كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية العراقية. حيث ارتبط الشعر الشعبي  بوجدان الفرد العراقي منذ تاسيس الدولة العراقية. اذ حمل هموم واشكالات الفرد العراقي وصاغها على شكل قصائد او ابوذيات او دارميات. حول البعض منها الى اغان لاتزال عالقة في الذاكراة العراقية، وحتى المنالوج الساخر والناقد يمكن ان يدرج ضمن هذا المجال كونه يكتب باللهجة العامية المحكية والمتدوالة بشكل شعبي في عموم البلد، رغم اختلاف بعض المفردات والصياغات وشيوعها في منطقة دون اخرى، او اختلافها ما بين الريف والمدينة.

2
ما عجزت عنها العديد من برامج ومسابقات الشعر الشعبي الفضائية منها والاذاعية، في اكتشاف او تقديم موهبة ابداعية، يمكن ان يكون لها مستقبل في حمل لواء الشعر الشعبي العراقي، وكتابته بشكل حداثوي مغاير لما يكتب وينشر ويذاع الان مما يحسب على الشعر الشعبي. قدمه الشاعر كاظم غيلان في صفحته الاسبوعية، وتناوله نقديا الى حد ما، مشيرا في تقديمه الى تجربة الرائد الكبير مظفر النواب. وتحديثه للشعر الشعبي العراقي، فالنواب ومن خلال صياغة مفردات قصيدته بلهجة محكية مشتركة بين الريف والمدينة، وهي في ذات الوقت لهجة وصياغة عالية المفهوم والدلالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والجمالية والابداعية. عدا محدث الشعر الشعبي العراقي.
تقديم اية موهبة ابداعية مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المقدم، وحتى كتابة المقدمة مسؤولية ربما تكون اكبر، وما كتبه الشاعر كاظم غيلان في تقديمه للشاعر الشاب مؤيد الطيب وقصيدته "الانسان الكامل". ربما اثار البعض ممن لايعرفون الطيب، وهذا حق. لكن باعتقادي ان شاعر مثل كاظم غيلان يملك ادواته الابداعية الشعرية منها والنقدية وحتى الصحفية، مع تاريخ طويل في هذا المجال الابداعي، ومجايلة لكبار الشعراء الشعبيين، اظنه لايكتب شيئا هذرا او مجمالة او ماشابه ذلك فهو لايقنتع بسهولة خاصة اذ ما تعلق الامر بالشعر الشعبي.

3
في اغلب دول العالم تعامل المواهب والكفاءات بشكل خاص، وتتم العناية بها ايضا بشكل خاص، سوا كان اعلاميا او نقديا وحتى معاشيا وحياتيا من خلال توفير بعض او كل مستلزمات العيش، لاجل ان تتفرغ تلك المواهب والكفاءات الى الابداع والتقدم. لكن في العراق الوضع اخر فالكثير من المواهب مشى عليه الدهر، وانتهت الى وضع غير سار، ومصير تلاعبت به الاقدار بشكل جارف.
نحن الان امام موهبة نوعية في مجال ابداعي عراقي، يفترض ان تولى اهمية خاصة وعناية كبيرة، وان يقدم لها كل العون والدعم من اجل بقاء الشعر الشعبي العراقي معافا وسالما من العاهات التي تريد اعاقته من خلال سهولة الكتابة والنشر والتداول.
مؤيد الطيب شاعر يملك الكثير الكثير، فهو من بيئة كادحة وطبقة فقيرة عانت الكثير من القهر والضيم والحرمان، وهو بذلك يملك خزينا من تصورات وهموم واشكالات فردية كانت او جمعية مجتمعية. اضافة الى مواهبه الكبيرة، وطاقته الابداعية التي اخذت تتفجر يوما بعد اخر. ما ظنه ان الطيب سيبقى يتذكر ويذكر ما كتبه غيلان عنها طوال حياته، كما اظنه سيحتفظ بتلك الصفحة، مثلما يحتفظ كاظم غيلان بصفحة ادب شعبي بصحيفة طريق الشعب منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث نشر اول قصيدة له، عادا تلك الصفحة  اهم من هويته الشخصية التي اضاعها عدت مرات لكن تلك الصفحة في الحفظ والصون مثلما يقول هو ذلك. شكرا لكاظم غيلان، وهنيئا لمؤيد الطيب، ومبارك للشعر الشعبي العراقي هذه الموهبة الجديدة التي نأمل من الكل ان يرعاها ويدعمها.

http://www.alsabaah.com/ArticleShow.aspx?ID=30931

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق